الدكتور تيسير زايد محمد خطاب

30 أكتوبر 2019
الدكتور تيسير زايد محمد خطاب

بقلم اللواء ركن عرابي كلوب

تيسير خطاب هو الأبن الأكبر للحاج/ زايد محمد خطاب، حيث ولد في مدينة دير البلح بتاريخ 1/9/1957م، في عائلة مناضلة تربى على الصدق والأمانة، وحسن الخلق، عائلة متواضعة ملتزمة، انتقل إلى القاهرة مع والده الحاج زايد خطاب والذي كان يعمل في مصانع الحديد والصلب في محافظة حلوان قبل عام 1967م، حيث درس المراحل الابتدائية والاعدادية ومن ثم أكمل دراسته الثانوية في دمشق بعد أن التحق والده بالثورة الفلسطينية عام 1970م، التحق تيسير خطاب بحركة فتح قوات الكرامة بدمشق في سن مبكرة وثم فرزه على جهازه الأمن الموحد، حيث عمل مرافقا ًمع الشهيد عاطف بسيسو في بيروت.

طيلة فترة عمله مرافقاً مع الشهيد عاطف بسيسو تتلمذ على يده، وقد تم إرساله في دورة أمنية إلى تشيكو سلوفاكيا عام 1983م مدتها ثلاثة أشهر كان خلالها من المميزين، بعد انتهاء الدورة منحت الأكاديمية الأمنية في تشيكو سلوفاكيا مقعدين لفلسطين للدارسة في الأكاديمية الأمنية والقانونية مدتها ست سنوات، وذلك ضمن التعاون الأمني الفلسطيني المشترك مع دول أوروبا الشرقية في ذلك الوقت، رشح تيسير خطاب لهذه الدورة ليحصل بعد دراسة متواصلة ست سنوات على درجة الدكتوراة في العلوم الأمنية والقانونية والتي شارك في تلك الدراسة مبعوثون من حوالي عشرون دولة من بينها (كوبا، فيتنام، انغولا، غينيا، بيساو، وموزمبيق، نيكاراغوا، اليمن الجنوبي، .. الخ).

عاد تيسير خطاب إلى تونس بعد أن منح درجة الدكتوراه وتسليم مهام أدارة مكتب الشهيد عاطف بسيسو وبقى في عمله حتى اغتيل عاطف في باريس بتاريخ 8 حزيران عام 1992م.

على مدار سنوات عمل الدكتور/ تيسير خطاب في مهام عديدة منها التعامل مع الوفود الأمنية الخارجية، والتنسيق مع محطات أمنية فلسطينية خارجية، بعد استشهاد/ عاطف بسيسو تسلم الدكتور/ تيسير خطاب إدارة مكتب اللواء/ أمين الهندي نائب رئيس جهاز الأمن الموحد في تونس، وبقى على رأس عمله حتى تاريخ عودته إلى أرض الوطن، بعد توقيع اتفاق أوسلو وعودة قيادة المنظمة وقوات م. ت. ف إلى الداخل وتشكيل جهاز المخابرات العامة الفلسطينية عام 1994م.

كلف العقيد الدكتور/ تيسير خطاب بإدارة مكتب اللواء/ أمين الهندي رئيس جهاز المخابرات العامة، وكذلك منصب مدير دائرة التدريب للدورات التدريبية الأمنية لضباط المخابرات العامة في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية والخارج والأعداد والمتابعة.

في صباح يوم 17/9/2001م وفي تمام الساعة الثامنة والنصف صباحاً وعندما كان العقيد الدكتور/ تيسير خطاب يقود سيارته ومتوجهاً إلى مقر المخابرات العامة، عن طريق الشيخ رضوان دوي انفجار شديد دمر مقدمة السيارة نوع جولف، بيضاء اللون من شدة الانفجار حيث سمع دوي الانفجار في المنطقة بكاملها وتناثرت السيارة إلى قطع حديدية في المكان حيث قذفت بالعقيد الدكتور/ تيسير خطاب وكرسيه إلى مسافة ستين متراً عن مكان الانفجار، دلالة على كمية العبوة التي زرعت في سيارته وشدتها، كما شوهدت أشلاء أدمية، مما يفسر أن العبوة وضعت تحت كرسيه في استهداف مباشر له.

لقد كان من الواضح أن الجهة التي نفذت العملية الجبانة تعرف جيداً تحركات الدكتور/ تيسير خطاب، ولها مقدرة على زرع قنبلة بهذه القوة التفجيرية في سيارته، أصيب أحد عناصر جهاز المخابرات العامة الذي كان برفقته أصابه بالغة، كما أصيب ثلاثة مواطنين آخرين.

لقد أكدت بعض المصادر المقربة في جهاز المخابرات العامة أن تصفية العقيد الدكتور/تيسير خطاب على هذا النحو، إنما جاءت على هامش صراع داخلي بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لما له من مكانة وتقدير وفهم لطبيعة عمله المكلف به.

استشهد الدكتور/ تيسير خطاب على أرض الوطن التي طالما حلم بأن بطأ رمالها وترابها طائعاً مختاراً.

كان العقيد الدكتور/ تيسير خطاب يختزن مجموعة كبيرة من الأفكار، ويحمل في ذهنه العديد من البرامج التدريبية وخطط العمل، وكثير من التفاصيل، لقد كان بحق رجل أمن وتدريب على قدر كبير من المسؤولية الوطنية.

كان الشهيد تيسير خطاب يتمتع بالانضباط والرزانة والحكمة والاتزان والتفكير العقلاني المنطقي، وهذا ما كان يميزه بين أقرانه.

غادرنا الشهيد العقيد الدكتور/ تيسير خطاب ولم يكمل حلمه ومهمته التي سخر جل حياته من أجل أن يكون لدولة فلسطين جهاز مخابرات يختلف في كل شيء عن أجهزة المخابرات العربية التي عرفناها في المنافي والشتات.

تيسير خطاب لقد تركت غصة في حلوقنا عند رحيلك، وكذلك تركت الأمل والابتسامة عند والدك الحاج/ زايد خطاب وعند كل الأصدقاء الذين عرفوك.

رحل عنا تيسير ولم تعرف الجهة التي نفذت هذه الجريمة الشنعاء البشعة الجبانة، وما زال القتلة مجهولون.

رحمك الله يا صديقي الدكتور/ تيسير زايد خطاب واسكنك فسيح جناته.