بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
ولد شفيق الحوت في مدينة يافا عروس البحر الأبيض المتوسط بتاريخ 13/1/1932م وغادرها أثر النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني بتاريخ 23/4/1948م إلى لبنان ليستقر فيها منذ ذلك التاريخ تاركاً خلفه في ثراها شقيقه جمال الحوت الذي استشهد مدافعاً عن المدينة بتاريخ 2/4/1948م.
أنهى شفيق الحوت دراسته الثانوية في المدرسة العامرية في يافا عام 1948م وبعد إجبارهم على الهجرة التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت في نفس العام حيث تخرج عام 1953م، عمل بعد تخرجه من الجامعة مدرساً في مدرسة المقاصد الإسلامية حتى عام 1956م بعدها انتقل للعمل مدرساً في الكويت عام 1958م، عاد بعدها إلى بيروت تاركاً مهنة التدريس ليلتحق بالعمل في الصحافة اللبنانية حيث عين مديراً لتحرير مجلة (الحوادث) اللبنانية وبقى في منصبه حتى عام 1964م.
تزوج شفيق الحوت من ابنة المؤرخ المعروف عجاج نويهض وهي الدكتورة (بيان عجاج نويهض).
استرجع شفيق الحوت جنسيته اللبنانية بتاريخ 25/8/1955م حيث ظل يجاهد بقوة حتى تمكن من استرجاعها ولهذا الموضوع قصة حيث هاجر جده لشفيق الحوت (سليم يوسف الحوت) من بيروت إلى فلسطين في أوائل تسعينات القرن التاسع عشر هرباً من الخدمة في الجيش التركي وأقام في مدينة يافا، حيث ولد شفيق الحوت فيها بتاريخ 13/1/1932م.
لقد عشق شفيق الحوت مدينة يافا مسقط رأسه عشقاً حتى الجنون، يتذكر فيها كل أماكنها وشوارعها وأزقتها وحاراتها وبساتينها التي كان يعشقها والتي نشأ بالقرب منها.
بدأ شفيق الحوت نضاله السياسي أثناء دراسته في الجامعة الأمريكية في بيروت حيث تفتحت مداركه واتسعت رؤيته للواقع الأليم الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني من جراء التشرد والفقر والحرمان.
بدأ شفيق الحوت وغيره من الفلسطينيين بالتحرك عام 1961م لإنشاء جبهة التحرير الفلسطينية حيث صدر أول عدد لدوريه الجبهة عام 1963م المعروفة باسم طريق العودة وأصبح للجبهة فروع خارج لبنان ومخيمات الفلسطينيين.
عند اشتغال شفيق الحوت بالصحافة أتاحت له أن يلتقي أعلاماً قلما يتكررون في هذه المنطقة وزودته بذخيرة معرفية لا تضاهي ففي عام 1958م نشر في مجلة (الحوادث) أول حوار له مع كمال جنبلاط بعد أحداث عام 1958م، كذلك فالصحافة أتاحت له أن يلتقي الزعيم الراحل/ جمال عبد الناصر ست مرات وأن يتعرف على الأستاذ/ محمد حسنين هيكل.
شارك شفيق الحوت في تمثيل م.ت. ف في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 1974م عندما كان مديراً لمكتب المنظمة في بيروت.
كان شفيق الحوت واحداً من أبرز المناضلين في الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة.
عاصر أبو هادر كافة مراحل الوجود الفلسطيني في لبنان منذ العام 1948م وحتى وفاته عام 2009م، وكان شاهداً على الحرب الأهلية اللبنانية بكل تفاصيلها وأحداثها، كما كان شاهداً على الغزو الإسرائيلي للبنان واحتلال عاصمته بيروت العاصمة العربية الوحيدة التي تم احتلالها بعد خروج قوات م.ت.ف وقيادتها من لبنان عام 1982م.
بقى شفيق الحوت في بيروت ولم يخرج منها رغم المخاطر المحدقة به عندما اجتاح الجيش الإسرائيلي بيروت حيث اختفى عن الأنظار لفترة من الزمن.
تعرض شفيق الحوت لعدة محاولات لاغتياله.
عام 1991م أعيد انتخاب شفيق الحوت عضواً في اللجنة التنفيذية ل.م.ت.ف وبقي فيها حتى تاريخ 22/96/1993م حيث اتخذ قراراً بتعليق عضويته فيها بعد توقيع اتفاق أوسلو، وبعدها قدم استقالته ورفض الانضمام إلى السلطة الوطنية الفلسطينية بعد وصولها إلى غزة وأريحا عام 1994م.
كان أبو هادر أحد موقعي إعلان حق العودة عام 2000م وعضو اللجنة التأسيسية لمؤتمر حق العودة في لندن عام 2003 م.
يقول أبو هادر في مذكراته أن أول لقاء جمعه مع الأخ/ خليل الوزير في أواسط عام 1961م قد تم بترتيب من الفنان إسماعيل شموط الذي كان له سابق معرفه بكل منا، تأثرت كثيراً بذلك اللقاء وخرجت بانطباع إيجابي عن الرجل الذي أحسست بأصالته وصفاته وبساطته، وربما المبالغ فيها في طرح الأمور وحل الإشكالات، حيث كان يرى أبو جهاد أن فلسطين للفلسطينيين وقد اغتصبها العدو وعلينا أن نستردها.
بعد أشهر من نفس العام يقول أبو هادر فاجأني الأخ/ أبو عمار بزيارتي في مكتبي في الحوادث في بيروت حيث كان اللقاء سريعاً وعلى عجل لأن الأخ/ أبو عمار كان في طريقه للجزائر حيث تواعدنا على ضرورة الاتصال للتنسيق والعمل معاً، قال لي وهو يهم بالمغادرة إنه سيقترح أن يكون (أبو إياد) صلة وصل بيننا باعتبار الأخير يافاوي مثلي الأمر الذي قد يسهل الأمور، لكن ما حدث فيما بعد هو أن لقاءاتي تمت مع (أبو يوسف النجار) الذي كانت تربط بين أسرتنا علاقة عمل وتجارة.
ويذكر أبو هادر علاقته بالمرحوم/ أحمد الشقيري فيقول التقيت بالأخ حامد أبو ستة وكان الأستاذ/ أحمد الشقيري قد حضر إلى بيروت دعوته إلى منزلي للقاء جمعت فيه عدداً من الشخصيات الفلسطينية الموجودة في العاصمة اللبنانية، كنا سمعنا بالشقيري ومسيرته فهو من المخضرمين وتلك كانت أول مرة نلتقي فيها الرجل مباشرة وفي أجواء مكاشفة ولاشك في أن للرجل قدرات هائلة وهو بحكم مهنته كمحام ودبلوماسي يتقن الحديث إلى مستمعة حتى حدود الاستثئار بالكلام، وقمت بدوري عبر مجلة الحوادث بتسليط الأضواء على تحركاته وتغطية تنقلاته بقصد المساهمة في ترويج فكرة قيام (الكيان الوطني الفلسطيني) الذي عرف فيما بعد بـ (منظمة التحرير الفلسطينية).
انتقل شفيق الحوت إلى جوار ربه بتاريخ 2/8/2009م عن عمر ناهز السابعة والسبعين حاملاً على كاهله هموم وطنه وشعبه وقد دفن في بيروت.
لقد ترك أبو هادر كنزاً كبيراً من المعرفة للأجيال القادمة
رحمك الله يا أبا هادر وأسكنك فسيح جناته.