اللواء نافذ جميل سعيد مسمار

20 سبتمبر 2019
اللواء نافذ جميل سعيد مسمار

بقلم اللواء ركن عرابي كلوب

نافذ جميل سعيد مسمار (أبو جميل) ولد في مدينة نابلس بتاريخ 17/5/1944م، التحق بالمدرسة وأنهى دراسته الابتدائية في نابلس، حيث تفتحت عيناه على معاناة ومأساة شعبه الفلسطيني الذي طرد من أرضه بعد احتلالها، وأصبح هائماً على وجهه، مشرداً في مخيمات اللجوء والبؤس.

كان الفتى/ نافذ مسمار في تلك الفترة تبدوا عليه اشارات القيادة البارزة وهو في سن الطفولة، وذلك أثناء ممارسته اللعب في حارة (خلة العمود بنابلس) مع أطفال الحارة الذين كانوا يؤمرونه عليهم، ويطيعون أوامره، ورغم ذلك فقد كان ودوداً وصديقاً لكل الأطفال في الحارة.

انتقل الأسرة من مدينة نابلس إلى مدينة عمان في نهاية العام 1956م حيث مكان عمل والده، استمرت هذه الصفة تلازمه، أنهى دراسته الاعدادية والثانوية في مدارس عمان، بعد انتهاء دراسته الثانوية غادر إلى القاهرة حيث كان شقيقه الأكبر خالد مسمار موجود بها للدراسة، وكانت له رغبة جامحة في ان يكون أحد الضباط العسكريين، قابل في القاهرة القائد العسكري الأردني/ عبدالله التل الذي كان يعيش في ذلك الوقت بالقاهرة وتحدث معه في تلك الرغبة، حيث أشار عليه بالعودة إلى عمان والالتحاق بالكلية العسكرية هناك.

عاد نافذ مسمار من القاهرة والتحق بمدرسة المرشحين العسكرية من خلال الدورة الثانية عام 1964م والتي تخرج منها عام 1965م برتبة مرشح ومن ثم رقي إلى رتبة ملازم، حيث خدم في وحدات المشاة العسكرية في الجبهة الغربية بالضفة.

بعد هزيمة حزيران عام 1967م، عاد للخدمة العسكرية في الفرقة الثانية للمشاة في منطقة أربد، وخلال أحداث أيلول الأسود عام 1970م، والمصادمات التي حصلت بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني آثرإلى الالتحاق بقوات الثورة الفلسطينية (حركة فتح) مع ضباط وأفراد الجيش الأردني الذين التحقوا بها وشكلوا بذلك قوات اليرموك.

عند تشكيل قوات اليرموك عين الضابط/ نافذ مسمار قائداً للسرية الأولى في الكتيبة الثالثة وبقى في موقعه حتى بداية عام 1973م، حيث أصيب في منطقة وادي هرير بالجولان أثناء تعرض الكتيبة لغارة من قبل الطيران الحربي الاسرائيلي، وقد نجا من أحداها بأعجوبة.

نقل الضابط/ نافذ جميل من قوات اليرموك إلى القطاع الغربي نهاية عام 1973م، وعين قائداً لمعسكر تدريب القطاع الغربي في دوما وتحت اشراف كل من اللواء/ سعد صايل واللواء/ عز الدين شريف رحمهما الله، حيث كانا في ذلك الوقت مسؤولين عن القطاع الغربي في دمشق، كان ابو جميل من المقربين جداً منهما.

في ذلك المعسكر كان يقوم بجمع بين الأضداد في التدريب (كمجاهدي خلق، وحزب تودة الإسلامي الإيراني) الذين كانوا يكافحون لإسقاط نظام شاة إيران (محمد رضا بهلوي)، وحركة( قطاني) في الفلبين إضافة إلى ذلك فقد كان مسؤولا عن تدريب أفراد حركات التحرر العالمية في ذلك المعسكر، دون مشاكل تذكر والتي كانت على صلة مباشرة بالقائد الرمز الشهيد/ أبو جهاد والذي كان يحضر باستمرار إلى المعسكر لزيارتهم والتحدث إليهم، حيث أصبح أبو جميل من المقربين للشهيد القائد/ أبو جهاد رحمه الله.

بعد اجتياح لبنان عام 1982م من قبل الجيش الإسرائيلي وخروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت، أصدر الأخ أبو جهاد نائب القائد العام أمراً بتشكيل لجنة من الأخوة التالية (عرابي، أبو جميل، أبو هيثم) لعمل كشوفات من كل وحدة عسكرية عن الشهداء والأسرى بأنصار، والمفقودين والجرحى، وأي معلومات من كل كتيبة أو جهاز، حيث ذهبت اللجنة إلى مواقع الوحدات العسكرية وعملت الكشوفات المطلوبة وسلمتها للأخ/ أبو جهاد، وكان أبو جميل من الضباط الفاعلين في تلك اللجنة، بعد الانتهاء من عمل اللجنة غادرت إلى تونس، وبقى أبو جميل يعمل في القطاع الغربي بدمشق.

كان أبو جميل مثال القائد الغيور على جنوده في مقر عمله بدمشق، وصمد مدافعاً عن مقره في مواجهة المنشقين المدعومين من النظام السوري في عام 1983م، إلى أن تم اعتقاله رافضاً الانضمام إليهم، ومدافعاً عن القرار الفلسطيني المستقل في وجه من حاول سرقة هذا القرار، بقى مسجوناً بطرف المنشقين لأكثر من عام ونصف، أفرج عنه بعدها بسبب وفاة والد زوجته، حيث تمكن من المغادرة إلى الأردن ويلتحق بالعمل مع القائد أبو جهاد في عمان ضمن ملاك القطاع الغربي.

بقى أبو جميل في الأردن إلى حين العودة إلى أرض الوطن بعد اتفاق أوسلو عاد مع القوات حيث عمل بجهاز الشرطة الفلسطينية مثل زملاءه ضباط القوات الذين التحقوا بالشرطة، وعمل في غزة ومن ثم عين مديراً لشرطة اريحا، فنابلس، ومديراً للمرور في المحافظات الشمالية وكان مقره مدينة رام الله.

حصل أبو جميل على العديد من الدورات العسكرية والإدارية والشرطية، وتدرج في الرتبة العسكرية حتى وصل إلى رتبة اللواء، احيل اللواء نافذ جميل مسمار إلى التقاعد بتاريخ 1/7/2005م.

اللواء/ نافذ جميل مسمار كان عضواً في مؤتمرات حركة فتح (الرابع، والخامس، والسادس).

اللواء/ نافذ مسمار متزوج وله ولدان وبنتان.

بعد احالته إلى التقاعد تفرغ أبو جميل لرعاية ارضهم الموزعة بين الأغوار وطلوزه وعصيرة الشمالية، وكان عاشقاً للأرض بكل ما تعنيه هذه الكلمة، حيث أحب فلسطين وعشقها، وأحب ترابها، وسهر وحلم بها، كان عاشقاً لنابلس وأزقتها وحجارتها وأحواشها القديمة، وكان يتغزل بها دائماً.

قبل عامين تسلل المرض اللعين لأخي أبو جميل حيث أصيب بسرطان البروستاتا وبدأت مرحلة العلاج في الأردن، الَّا أن المرض كان أقوى من العلاج، فلم يمهله القدر فالتحق بالرفيق الأعلى مساء يوم 19/4/2015م، وتم تشييع جثمانه الطاهر عقب صلاة ظهر يوم 20/4/2015م إلى مثواه الأخير في مقبرة سحاب الإسلامية في عمان.

خلال فترة سنوات عمله كان ابو جميل مثالاً للصدق والانتماء، ونموذجاً للعطاء والتضحية، والقيام بمختلف المهام النضالية التي كلف بها مهما كانت تلك المهام، كان أبو جميل هادئاً بطبعه، محباً للآخرين، دقيقاً في التنظيم، واعياً، وكم كان يفتخر أنه ينتمي إلى هذه الحركة العملاقة بتاريخها الطويل والمجيد، حيث انها جمعت ووحدت الثوار في الطريق الصحيح لتحرير الأرض والإنسان، ولم تكن في يوم من الأيام حكراً على أحد.

ابا جميل ايها الصديق العزيز، لقد عشت صامتاً وغادرتنا صامتاً بدون ضجيج، كنت مثالاً للالتزام، والعطاء والخلق الكريم، فارساً في كل المواقع، رحلت عنا بعد معاناة طويلة مع المرض العضال الذي تمكن في النهاية منك.

أبا جميل أنت المناضل، الانسان، الذي أعطى نموذجاً لكي يكون الموقع أو الوظيفة مكاناً لخدمة الناس وحل مشاكلهم وقضاياهم، كنت صديقاً للمواطنين، لذلك أحبك الجميع.

كنت دائماً ناكراً لذاتك، وتعمل بصمت، لقد كنت يا صديقي العزيز تتمتع بثقة عالية جداً من القائد الشهيد/ خليل الوزير، والقائد الشهيد اللواء/ سعد صايل والشهيد اللواء/ عز الدين الشريف رحمهم الله سلاماً على ذلك الوجه الجميل، وسوف تظل ذكراك العبقة الممزوجة بأريج ورائحة برتقال هذا الوطن، نبراساً لكل المخلصين لوطنهم وقضيتهم.

أخي وصديقي أبا جميل، لا نقول وداعاً، بل نقول إلى اللقاء.

رحم الله اللواء/ نافذ جميل مسمار (أبو جميل) واسكنه فسيح جناته.

هذا وقد نعاه كل من:

– الهيئة القيادية العليا لحركة فتح في قطاع غزة.

– هيئة المتقاعدين العسكريين الفلسطينيين.

– المكتب الحركي المركزي للصحفيين في المحافظات الجنوبية.

– المكتب الحركي المركزي للعسكريين المتقاعدين في المحافظات الجنوبية.

– المكتب الحركي المركزي للعسكريين العاملين في المحافظات الجوبية

– مدير عام الشرطة الفلسطينية.

– قوات الأمن الوطني الفلسطيني.

– مجلس إدارة مركز الشاطئ الثقافي.

– هيئة التدريب العسكري لقوى الأمن الوطني.