القائد عبد الله الحوراني | أبو منيف

24 مايو 2019
القائد عبد الله الحوراني | أبو منيف

بقلم اللواء ركن عرابي كلوب

عبدالله عبدالهادي عبدالرحمن الحوراني (أبو منيف) مفكر ومناضل وطني وقومي كبير، كان من جيل أولئك الرجال الذين شبوا في أطار الاتجاهات العروبية والقومية داخل صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، حفر أبو منيف مسيرته الفلسطينية انطلاقا من مدارس وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين في مخيم خان يونس طالباً ومعلماً ومديراً للمدرسة وصولاً إلى كلية الآداب في جامعتي القاهرة ودمشق اللتان شكلتا بالنسبة له مدخلاً مساعداً ساهم إلى حد كبير في تحوله السياسي والفكري، لقد كان عبدالله الحوراني من أولئك الرجال الذين دافعوا باتجاه الجمع بين الوطني والقومي مستنداً إلى تجربته الطويلة حيث سخر جل وقته للدفاع عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين وكان حريصاً على الثوابت الفلسطينية حيث كانت قضية اللاجئين عند أبو منيف شغله الشاغل وهي جوهر ولب الصراع القادم.

عبدالله الحوراني من مواليد قرية المسمية عام 1936م ودرس فيها المرحلة الابتدائية، وأكمل دراسته الثانوية في مدرستي الإمام الشافعي وخان يونس بقطاع غزة، بعد حصوله على الثانوية العامة أنتسب إلى جامعة عين شمس بالقاهرة وأنهى السنة الثالثة ثم عين معلماً وبعدها مديراً لمدرسة أحمد عبدالعزيز في مخيم اللاجئين في خان يونس.

انتسب عبدالله الحوراني إلى حزب البعث العربي الاشتراكي في منتصف الخمسينات من القرن الماض وشارك بنشاط فعال ضد مشروع توطين اللاجئين في سيناء الذي أسقطته هبة آذار عام 1955م، كما ناضل ضد الاحتلال الإسرائيلي عام 1956م، إبان العدوان الثلاثي على مصر وقطاع غزة حيث أعتقل وتم الإفراج عنه بعد رحيل الاحتلال الإسرائيلي عن قطاع غزة.

بسبب نشاطه السياسي في حزب البعث العربي الاشتراكي وعلى أثر اختلاف حزب البعث مع الرئيس الراحل/ جمال عبد الناصر أبعد عبدالله الحوراني عن قطاع غزة بتاريخ 13/9/1963م حيث سافر إلى دبي وعمل مدرساً هناك، ثم أبعد منها إلى دمشق بسبب نشاطه السياسي حيث عمل في حقل الاعلام فيها، وعين مديراً لإذاعة فلسطين ثم مديراً لهيئة الإذاعة والتلفزيون السوري ومديراً عاماً لمعهد الإعلام أيضاً، حصل عبدالله الحوراني على ليسانس الآداب في اللغة العربية من جامعة دمشق عام 1964م.

التحق عبدالله الحوراني بالثورة الفلسطينية كعضو في المجلس الوطني الفلسطيني عام 1969م ثم عمل منذ عام 1973م مديراً عاماً لدائرة الإعلام والتوجيه القومي لمنظمة التحرير الفلسطينية ثم عضواً في اللجنة التنفيذية للمنظمة خلال الفترة من (1984 – 1994م) ورأس وأسس الدائرة الثقافية في المنظمة، وأشرف على كل الأنشطة الثقافية الفلسطينية.

أقام عبدالله الحوراني علاقات وطيدة مع كافة الأحزاب التقدمية والشيوعية العربية والعالمية وكذلك مع البلدان الاشتراكية آنذاك.

عبدالله الحوراني هو أحد أبناء رجالات النكبة الذين واجه كل منهم بأسلوبه الخاص ورؤيته الخاصة عذابات التطهير العرقي والتهجير القسري ومآسي التشرد والعذاب والفقر لأهلنا من ديارهم الأصلية.

أصدر مجلة (بيادر الفلسطينية) وأشرف عليها في الفترة من (1988 – 1993).

عارض عبدالله الحوراني أتفاق أوسلو وأستقال من اللجنة التنفيذية لذلك، وأستمر في رئاسة اللجنة السياسية للمجلس الوطني الفلسطيني.

يعتبر عبدالله الحوراني من المناهضين للعدوان على العراق واحتلاله من قبل القوات الأمريكية، وقاد اللجنة الشعبية الفلسطينية لنصرة الشعب العراقي، كما ربطته علاقة حميمة وقوية مع الرئيس الراحل/ صدام حسين.

قام بتوفير المنح الدراسية للعديد من الطلبة الفلسطينيين في الدول الاشتراكية.

كان جل اهتمامه بالقضايا الوطنية والقومية والإنسانية فكرياً وسياسياً، نشط في مجال الكتابة الملتزمة، قام بإلقاء العشرات من المحاضرات وأقام الندوات والمؤتمرات في عدة دول، له عدة مؤلفات.

عاد أبو منيف إلى مدينة غزة بتاريخ 13/9/1994م.

أسس عبدالله الحوراني المركز القومي للدارسات والتوثيق في غزة الذي صدر عنه العديد من الكتب الهامة حيث كان رئيساً لهذا المركز.

يعتبر عبدالله الحوراني من أهم المختصين بقضية اللاجئين والمدافعين عن حق العودة، كان نموذجاً فريداً حيث يقرأ خارطة الأشياء جيداً، لذلك فإن مواقفه المبدئية وقراءته وتحليلاته تشكل مرجعية هامة للباحثين عن الحقيقة وسط هذا الركام من الخراب الهائل.

كتب العديد من المقالات السياسية والثقافية ونشرها في العديد من الصحف العربية والمحلية.

من مؤلفاته:

–        ثورة اكتوبر والقضية الفلسطينية 1981م

–        التطبيع الثقافي وأثره في الصراع العربي الاسرائيلي 1999م

–        التحالف الغربي الصهيوني والأمة العربية 2000م

–        اللاجئون قضية وموقف 2001م

–        فلسطين في حياة جمال عبدالناصر.

–        لماذا نكتب؟ .. ولمن؟ رؤية للوضع العربي 2010م.

–        لماذا نكتب؟ .. ولمن؟ رؤية للوضع الفلسطيني 2010م.

–        لماذا نكتب؟ .. ولمن؟ رؤية للوضع العراقي 2010م.

–        فلسطين في حياة صدام 2010م

من أقوال عبدالله الحوراني.

(إن استيعاب السياسي لدور المثقف وفهمه على هذا النحو، يخلق علاقة تكاملية بينهما، ولنا أن ندلل على ذلك بما نلحظه من انسجام في مناخ العلاقة بين السياسي والمثقف على الصعيد العربي، كلما أظهر الأول علائمالصلابة التفاوضية وأبتعد بمسافة كافية عما يعتبره الثاني تفريطاً غير مبرر في الحقوق، بل إن الدليل يبدو أكثر وضوحاً في حالة التأييد الجماهيري للحاكم أو المسؤول السياسي كلما أقترب بأطروحاته وأفعاله من الأهداف الوطنية والقومية للأمة وتمسك بها).

عبدالله الحوراني متزوج وله أربعة أولاد (منيف، عمرو، معتز، خالد)

لم يمهله المرض زمناً إضافياً فمات واقفاً مغادراً الحياة الدنيا صباح يوم 29/11/2010م في عمان حيث توقف قلبه عن الخفقان، فخسرت فلسطين برحيله زيتونة خضراء عتيقة نمت جذورها في قرية المسمية، وخسر الشعب الفلسطيني علماً بارزاً من أعلامه الوطنية والفكرية.

تم دفن الراحل الكبير في عمان وأقيم له سرادق العزاء في عمان ورام الله وغزة حيث نعته القيادة الفلسطينية والرئيس/ محمود عباس وفصائل العمل الوطني والإسلامي.

سلاماً على روحك الطاهرة يا أبا منيف، وعليك رحمة من الله ورضوانه.

وتكريماً للراحل الكبير فقد أطلق على المركز القومي للدارسات والتوثيق اسم مركز عبدالله الحوراني.