القائد جهاد إسماعيل عاشور العمارين

7 أكتوبر 2019
القائد جهاد إسماعيل عاشور العمارين

بقلم اللواء ركن عرابي كلوب

جهاد إسماعيل عاشور العمارين من مواليد مدينة غزة عام 1954م، توفى والده وهو طفل صغير لم يتجاوز الخامسة من عمره، وعندما بلغ الخامسة عشر من العمر كان قطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي حيث انضم الفتى جهاد العمارين إلى مجموعة المقاومين من الفدائيين في تلك السن الصغيرة، اعتقل جهاد العمارين في أواخر عام 1970م عندما كان يبلغ من العمر السادسة عشر ونظراً لأنه كان حدثاً فقد حكمت عليه المحكمة العسكرية الإسرائيلية بالسجن لمدة عامين.

تم الإفراج عن جهاد العمارين عام 1972م، لكنه باشر العمل بعد إطلاق سراحه من خلال التحاقه بقوات التحرير الشعبية التي نشطت في تلك الفترة تم اعتقاله للمرة الثانية عام 1973م حيث حكمت عليه المحكمة بالسجن الفعلي لمدة (12) عاماً وذلك بتهمة الانتماء إلى تنظيم فلسطين، والمشاركة في تنفيذ عمليات عسكرية ضد العدو الصهيوني وقتل عملاء، خلال وجوده في السجن التحق بحركة فتح، وتم الإفراج عنه مع العديد من الأسرى في إطار صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل والجبهة الشعبية القيادة العامة، حيث تم إبعاد جهاد العمارين إلى سويسرا ومن هناك عاد إلى الأردن وذلك عام 1985م.

تزوج جهاد العمارين عام 1986م أثناء وجوده في الأردن، وقد عاد لممارسة عمله التنظيمي من خلال القطاع الغربي عندما تعرف في عمان في ذلك الوقت على كل من الأخوة/ أبو حسن قاسم وحمدي هؤلاء الكوادر المتقدمة في القطاع الغربي من خلال لجنة الـ (77)

شارك جهاد العمارين زملاءه في القطاع الغربي من خلال تشكيل جماعة أطلق عليها (سرايا الجهاد) بعد استشهاد الأخوة/ أبو حسن وحمدي في عملية الاغتيال الشهيرة في قبرص عام 1988م، ألقى القبض على جهاد العمارين من قبل السلطات الأردنية وتم اعتقاله لمدة شهرين وفرضت بعدها الإقامة الجبرية عليه، غادر عمان إلى العراق بعدها وفي أحد زيارات الأخ/ أبو عمار إلى العراق سافر معه إلى تونس للإقامة فيها.

حاول جهاد العمارين العودة إلى غزة متسللاً عبر الحدود المصرية عام 1991م، لكن السلطات المصرية قامت باعتقاله حيث بقى في السجن لمدة ستة أشهر أبعد بعدها إلى تونس.

بعد توقيع اتفاق أوسلو وعودة قيادة المنظمة وقواتها إلى أرض الوطن حاول جهاد العمارين العودة معهم إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي رفضت بشدة السماح له بالدخول، مما اضطر الأخ/ أبو عمار عند حضوره لأول مرة إلى أرض الوطن بداية شهر تموز 1994م لإحضار جهاد العمارين معه بالسيارة، عندما اكتشف أمره أصرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على رفض دخوله إلى القطاع، وكادت هذه الحادثة أن تفجر وضعاً بين السلطة الفلسطينية والإسرائيلية منذ البداية، وعليه فقد غادر جهاد العمارين قطاع غزة بعد 48 ساعة من دخوله متوجهاً إلى مصر حيث اعتقل مجدداً هناك وتم إبعاده إلى تونس لكن لم يسمح له بالدخول فغادر إلى الجزائر.

عاد جهاد العمارين إلى أرض الوطن في شهر إبريل عام 1996م بصورة رسمية عندما عين عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني وذلك للمشاركة في اجتماعات المجلس التي عقدت في مدينة غزة في ذلك الوقت.

التحق جهاد العمارين في جهاز الشرطة الفلسطينية، حيث عمل في إدارة المباحث العامة، ومع بداية الانتفاضة الثانية عام 2000م ترك العمل في جهاز الشرطة وتوجه لتشكيل نواة لكتائب شهداء الأقصى حيث أسس مع اندلاع الانتفاضة إطاراً عسكرياً من مجموعة من الشباب كان جهاد العمارين (أبو رمزي) من الرجال الأوائل الذين وضعوا اللبنة الأولى للجناح العسكري لحركة فتح (كتائب شهداء الأقصى).

جهاد العمارين رزق بثمانية من الأولاد والبنات وهم (كفاح، إصرار، مجد، فلسطين، بيسان، رمزي، محمد، مصعب).

كان جهاد العمارين (أبو رمزي) حاملاً روحه على كفه، فقد نسج علاقات قوية مع كافة التنظيمات الفلسطينية حيث كان محبوباً من كافة أبناء الفصائل الفلسطينية، تمتع بعلاقات واسعة على جميع الصعد.

جهاد العمارين (أبو رمزي) خط أحرف بدمائه الزكية ضمن مسيرة المقاومة والكفاح المسلح واضعاً نصب عينيه تحرير الأرض من المحتل الصهيوني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بإذن الله.

اغتيل المناضل / جهاد العمارين قائد كتائب شهداء الأقصى في قطاع غزة على يد الخيانة والغدر مساء يوم الخميس الموافق 4/7/2002م من خلال وضع عبوة ناسفة وضعت في مقعد قيادة سيارته التي يقودها وخلف رأسه، ما أدى إلى تحول الجزء الأعلى من جسمه عند انفجارها إلى أشلاء واستشهاد ابن أخته الذي كان يرافقه في تلك الليلة، حيث دارت الشبهات حول سائق سيارته الذي اختفي في ليلة الحادث حيث لم يظهر مطلقاً منذ عملية الاغتيال.

بعملية الاغتيال هذه انتهت صفحة ناصعة من صفحات قائد مناضل مجاهد لم يعرف الخضوع ولا الاستكانة مطلقاً.

لقد ظل جهاد العمارين (أبو رمزي) على درب المقاومة حتى قضى شهيداً في عملية الاغتيال الجبانة.

لقد كان العدو الصهيوني يعتبر جهاد العمارين (أبو رمزي) قائد كتائب شهداء الأقصى من العناصر الخطيرة التي تنفذ عمليات ضد الجيش الإسرائيلي.

أن مسيرة الشهيد القائد/ جهاد العمارين (أبو رمزي) مسيرة نضالية قد بدأت فصولها بالاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي وهو لم يبلغ الخامسة عشر من عمره، مروراً بالأبعاد قصراً عن أرض الوطن وصولاً للعودة مرة ثانية إلى الوطن بعد رحلة طويلة في المنافي، وقيامه بتشكيل خلايا كتائب شهداء الأقصى في الانتفاضة الثانية في قطاع غزة والتي نفذت العديد من العمليات الاستشهادية، هذه المسيرة تعمدت بالدم.

تحية إجلال وإكبار إلى روح الشهيد البطل / جهاد العمارين (أبو رمزي) وإلى أرواح جميع الشهداء الميامين الذين رووا بدمائهم الطاهرة أرض الوطن.