المناضل جمال عبد الرؤوف عرفات | أبو رؤوف

8 سبتمبر 2019
المناضل جمال عبد الرؤوف عرفات | أبو رؤوف

بقلم اللواء ركن عرابي كلوب

جمال عرفات علم من أعلام فلسطين، عاصر القضية منذ بداياتها وحمل هموم شعبه وقضيته العادلة دهراً من الزمن متنقلاً بين دول عديدة شارحاً مأساة شعبه الفلسطيني، ومؤكداً أن الشعب الفلسطيني حي لن يموت مهما حلت به النكبات وكثرة عليه المؤامرات.

جمال عرفات كان شامخاً شموخ جبال فلسطين، ينتمي إلى عائلة الحسيني حيث تُعد من العائلات الشريفة التي تقلدت نقابة السادة الأشراف غير مرة، وكان أكثر استقرارها في مدينتي القدس وغزة حيث تواصل وجودها في مدينة القدس طوال العصر العثماني.

ولد جمال عبد الرؤوف عرفات في مدينة القدس عام 1919م واسمه الكامل هو (جمال عبد الرؤوف داوود عرفات القدوة الحسيني) وهو الشقيق الأكبر للشهيد الرئيس/ ياسر عرفات ضمن عائلة مكونة من سبعة أفراد وكانت تكبره شقيقته أنعام بعامين وهي التي أشرفت على تربيتهم فيما بعد.

انتقل مع والده الحاج/ عبد الرؤوف القدوة من القدس إلى القاهرة عام 1924م حيث كان يقيم والده في حي السكاكيني بوسط القاهرة وكان يعمل في التجارة.

أتم تعليمه الأساسي في القاهرة والتحق بكلية الآداب قسم الصحافة جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة) حالياً، مع بداية الحرب العالمية الثانية التحق بالدفاع المدني عام 1939م وكان مسؤولاً عن توزيع الأقنعة على السكان خشية إلقاء الطائرات الألمانية والإيطالية قنابل الغاز السام.

عين جمال عرفات سكرتيراً عاماً لحكومة عموم فلسطين برئاسة أحمد حلمي باشا عبد الباقي عام 1948م، والتي حلت فيما بعد من قبل جامعة الدول العربية عام 1952م، وأبقت على رئيسها أحمد حلمي وسكرتيره جمال عرفات والتي كانت من ضمن صلاحياتها إصدار جواز السفر باسم حكومة عموم فلسطين.

عمل جمال عرفات صحفياً وانخرط في العمل السياسي حيث شغل منصب سكرتير عام رابطة كفاح الشعوب العربية والإسلامية ومقرها القاهرة، حيث ربطته صداقات متميزة مع العديد من أقطاب السياسة ورجال الدين وعلى الأخص الرؤساء الراحلين/ أحمد بن بيلا، والحبيب بورقيبة، وشيخ الأزهر الأسبق المرحوم عبد الله دراز، كما ربطته علاقة صداقة بالرئيس الاسبق المرحوم اللواء/ محمد نجيب.

شغل جمال عرفات ممثل للهيئة العربية العليا في الجزائر عام 1962م حيث كانت تربطه علاقة صداقة مع قادة الثورة الجزائرية أثناء وجودهم في القاهرة.

شغل جمال عرفات (أبو رؤوف) في حقبة السبعينات منصب رئيس فرع الهلال الأحمر الفلسطيني بالقاهرة، بالإضافة لتوليه مسؤولية الإشراف على بيوت سكن الطالبات الفلسطينيات المغتربات للدراسة في الجامعات المصرية، حيث كان يعتبر كوالد لهن في الغربة.

عين أبو رؤوف سفيراً لدولة فلسطين في الخرطوم بين أعوام 1983-1986، كما شغل منصب سفير فلسطين في صنعاء من عام 1986م وحتى تاريخ وفاته 9/2/1989م حيث كان عميداً للسفراء العرب في ذلك الوقت.

تزوج جمال عرفات متأخراً في سن الواحد والأربعين بعد أن اطمأن على إتمام أصغر إخوته لتعليمه الجامعي، حيث كان أبو رؤوف مسؤولاً فعلياً عن الأسرة وتربية إخوته، تزوج من طبيبة مصرية (فاطمة سعيد قطري) حيث كانت تعمل مديرة لمستشفى حكومي في مصر، وأنجبا ولده الوحيد المهندس/ رؤوف جمال.

أبو رؤوف عرف عنه أمانته وحرصه الشديد على أموال الثورة الفلسطينية في جميع مواقع عمله.

عرف عن الراحل الكبير/ أبو رؤوف تدينه المخلص والتزامه وحرصه على أداء صلواته بلا انقطاع طوال حياته.

كان الراحل/ أبو رؤوف مولع بالقراءات الأدبية وكان شاعراً وكاتباً بليغاً ملماً بإتقان بمفاصل اللغة العربية كتابة وإلقاءً حيث اشتهر بخطبه البليغة في كافة المناسبات القومية والوطنية الفلسطينية مرتجلاً خطاباته بدون أعداد مسبق وبدون قراءة من الورق.

قام الراحل الكبير/ جمال عرفات بتأليف عدة كتب عن الثورة الفلسطينية منها حق العودة، والفلسطيني الثائر، وترك كنزاً أدبياً بعد وفاته متمثلاً في مكتبته الخاصة والكبيرة والتي ضمت آلاف الكتب في شتى أنواع المعرفة وتحديداً في التاريخ والسياسة وعلم النفس والفلسفة والأوضاع إضافة إلى مجموعة كبيرة جداً من الكتب الدينية.

انتقل جمال عرفات (أبو رؤوف) إلى رحمة الله تعالى بتاريخ 9 شباط 1989م في المملكة العربية السعودية حيث تم دفنه في مقبرة البقيع وشارك في جنازته شقيقة الرئيس الشهيد/ ياسر عرفات وأقيم له سرداق في القاهرة بعد أن تم تشييعه في السعودية وذلك عن عمر ناهز السبعين عاماً.

الراحل الكبير/ أبو رؤوف كان حاملاً هم وطنه وقضيته الماجدة على أكتافه طيلة مسيرته المشرفة حيث اشترك في جميع مراحل النضال الوطني الفلسطيني.

كان الراحل الكبير/ أبو رؤوف صادقاً مع الناس يحافظ على الوعد الذي يكون قد ارتبط به، وكان يقول دائماً لابد من المحافظة على الوطن والقضية والثورة، كان أبو رؤوف قدوة للآخرين والمثال الذي يحتذى به.

لقد كانت للراحل الكبير/ أبو رؤوف نظرة للحياة تختلف عن كثير ممن كانوا حوله وذلك بسبب الخبرة الواسعة التي اكتسبها من خلال مراحل عمره وثراءه اللغوي الذي كان يتمتع به أو أثناء نقاش قضية أو مسألة حيث كان يصنت جيداً ويسمع إلى آخر الحديث ثم يبدي رأيه مبنياً على مخزونه من المعرفة.

رحمك الله يا أبا رؤوف وأسكنك فسيح جناته.

ومن خلال حرص السيد الرئيس/ محمود عباس (أبو مازن) فقد منح الفقيد المناضل/ جمال عبد الرؤوف عرفات (أبو رؤوف) وسام نجمة الشرف من الدرجة العليا، تقديراً لدوره الوطني والنضال كواحد من رواد العمل من أجل إعلاء شأن القضية الفلسطينية في جميع المحافل ومع حركات التحرر الأولى التي واكبت الحركة الوطنية الفلسطينية، هذا وقد تسلم الوسام نجل المرحوم/ المهندس روؤف جمال عرفات.