بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
ولد فيصل عبد القادر الحسيني في بغداد بتاريخ 17/7/1940 حيث كان ترتيبه الثالث بين إخوته الأربعة , بنتان وولدان , والدة القائد الوطني المجاهد الكبير الشهيد / عبد القادر موسى كاظم باشا الحسيني الذي تخرج من الجامعة الأمريكية بالقاهرة / كلية العلوم عام 1933 وعاد إلى فلسطين ليتزوج من إبنة عمه عام 1935 .
ترأس والده منظمة الجهاد المقدس ثم جيش الجهاد المقدس عام 1936 حيث خاض معارك عدة ضد الإنجليز .
لقد كان والده من أبرز القادة العسكريين الوطنيين الفلسطينيين في مواجهة الإحتلال البريطاني والحركة الصهيونية والذي إستشهد في معركة القسطل بعد إستردادها من أيدي الصهاينة في إبريل عام 1948 .
تربى فيصل الحسيني في عائلة من عائلات الزعامات والنضال العربي وهي عائلة الحسيني حيث كان جده لأبيه كاظم باشا الحسيني ( شيخ مجاهدي فلسطين ) ووالده كان يلقب ( بنسر فلسطين ) .
لقد كانت طفولة فيصل مريرة فقد ولد مشرداً في بغداد ثم السعودية ليستقر بعد ذلك في مصر ويستشهد والده دون أن يراه بعيداً عنه .
تلقى الفتى فيصل تعليمه الإبتدائي والإعدادي والثانوي في مصر وإلتحق عام 1958 في كلية العلوم , إنخرط في النضال السياسي وإنضم لحركة القوميين العرب ، وقد إتسم بالشجاعة والجرأة والعطاء بلا حدود , وفي عام 1959 شارك في تأسيس الإتحاد العام للطلاب الفلسطينيين , كما عمل مسؤولا لشؤون الطلبة في حكومة عموم فلسطين .
بعد أن أنهى دراسته الجامعية في القاهرة قرر عام 1964 العودة إلى القدس إلى جوار قبر والده الشهيد ليواصل مسيرته ويكمل رسالته المقدسة في القدس وفي عام 1965 التحق بمكتب منظمة التحرير الفلسطينية مسؤولا عن التنظيم الشعبي حيث كان في ذلك الوقت منتسباً لحركة فتح , ثم إلتحق عام 1966 بالكلية العسكرية في حلب .
بعد هزيمة حزيران عام 1967 عاد فيصل الحسيني إلى القدس لمواصلة نشاطه فيها , اعتقلته سلطات الإحتلال عام 1967 لمدة عام لحيازته أسلحة وقد صادرت هذه السلطات منزل والدة الشهيد الكائن في وادي الجوز .
في عام 1979 أسس فيصل الحسيني جمعية الدراسات العربية في القدس وترأسها بنفسه ليدير نشاطه من خلالها , وكان من أبرز القادة الميدانيين الذين يؤمنون بأن العمل من أجل القضية يحتاج إلى إرادة قوية , قادرة على التعامل مع الأمر الواقع بجرأة وشجاعة ومواجهة العدو في عقر داره .
عام 1982 وضع فيصل الحسيني قيد الإقامة الجبرية لمدة خمس سنوات .
في عام 1987 أنشأ فيصل الحسيني المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ولجنة مواجهة القبضة الحديدية , وكان من أبرز قادة الإنتفاضة في تلك الفترة ، تم إعتقاله بشكل متقطع حتى عام 1989 وبسبب إغلاق مقر الجمعية تحول بيته إلى مكتب .
أثناء إنعقاد المؤتمر الخامس لحركة فتح في شهر أغسطس عام 1989 في مدينة تونس أقر المؤتمر تعيين ثلاثة أخوه من الداخل في عضوية اللجنة المركزية لحركة فتح ، وكان فيصل الحسيني من بينهم دون الإفصاح عن إسمه في ذلك الوقت خوفاً من اعتقاله من قبل سلطات الإحتلال الإسرائيلي .
قام بزيارات إلى الخارج لشرح وتوضيح الموقف الفلسطيني في الداخل وبتاريخ 19/1/1990 اعتقلته السلطات الإسرائيلية وأضطرت إلى إطلاق سراحه بعد أربعة أيام من اعتقاله تحت تأثير الضغط الدولي والمحلي .
بتاريخ 30/10/1991 ترأس فيصل الحسيني الوفد الفلسطيني في مؤتمر حيث رفضت سلطات الإحتلال لإنضمامه للمفاوضات بحجة أنه من سكان مدينة القدس .
وفي عام 1992 إنشاء مقراً للفريق الفلسطيني المفاوض في مبنى بيت الشرق الذي ضم ايضاً جمعية الدراسات العربية ليصبح عملياً مقراً لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس .
في عام 1995 تسلم فيصل الحسيني ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية وفي عام 1996 إنتخبه المجلس الوطني الفلسطيني عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية .
لقد تصدى القائد فيصل الحسيني لسياسات سلطات الإحتلال في القدس ودافع عن عروبتها فوق منابر العالم وقاد المظاهرات من اجلها .
رأى القائد فيصل الحسيني بفكره الثاقب أن قضية فلسطين بحاجة إلى دراسات وتوثيق ومعلومات تساعد على تأكيد عروبتها منذ أمد بعيد , فقام بتأسيس ( جمعية الدراسات العربية عام 1980) وحدد النظام الداخلي لها وأهدافها ولدى هذه المؤسسة مركز توثيق المعلومات بتتبعه مكتبه متخصصة في الشؤون الفلسطينية والعربية وقسم لتوثيق المعلومات الصحافية المحلية وقسم اّخر للوثائق التاريخية , إضافة إلى ذلك فإن لدى المؤسسة أربعة مراكز اّخرى متخصصة :
1- مركز الأبحاث والدراسات .
2- مركز الإحصاء ويهتم ببيانات التعليم والصحة والزراعة والصناعة .
3- مركز المعلومات حول حقوق الإنسان الفلسطيني .
4- مركز الطفولة لرفع مستوى معلمات الأطفال .
كان فيصل الحسيني يقول ( أن الوطن لايكون كبيراً بمساحة أرضه , ولكن بأنتماء مواطنيه إليه , وهذا لا يتوفر إلا إذا عاش الإنسان كريماً في وطنه , مصونة حقوقه وحريته , وإذا لم ننجح معاً في إقامة هذا الوطن , فكأننا لم نفعل شيئا ) .
في الواحد والثلاثين من شهر مايو عام 2001 أغمض أبو العبد عينيه بعد أن قام بزيارة رسمية إلى دولة الكويت الشقيق إعادة العلاقات كما كانت في عهدها السابق حيث غيبه الموت وأخذه حيث رفاقه الشهداء الأكرم منا جميعاً .
حاز أبو العبد على الجائزة الأمريكية للسلام , وجائزة مؤسسة غليتسمان عام 1999 .
متزوج من السيدة نجاة الحسيني وله ولدان , عبد القادر , وفدوى .
توفي أبو العبد عن عمر الواحد والستين , ونقل جثمانه الطاهر إلى عمان ومنها إلى رام الله .
دفن فيصل الحسيني في القدس , حيث شهدت القدس عرساً وطنياً فلسطينيا وتظاهرة سياسية تأكيدا على الهوية الفلسطينية العربية والإسلامية .
دفن فيصل الحسيني فوق قبر أبيه القائد المجاهد / عبد القادر الحسيني الذي كان مدفوناً فوق أبيه موسى كاظم باشا الحسيني رحمهم الله جميعاً
كان الفقيد رمزاً وطنياً للمدينة المقدسة ومدافعاً عنيداً عن عروبتها وعن هويتها الفلسطينية والإسلامية .
من أقواله ” فتح ديمومة الثورة وشعلة الكفاح المسلح ” .
القائد فيصل الحسيني كان يمتلك قوة سحرية يدخل بها قلوب الاّخرين بشكل ملائكي , ولم يكن يفرض نفسه على أحد , كان يفرض إحترامه على الجميع كإنسان , فالكل يعلم أن هذا الرجل كان يعمل لمصلحة الوطن وللمصلحة العامة .
لقد كنت يا أبا العبد عنوان السلام في مدينة السلام القدس التي أحببتها وأحبتك , لقد كان فيصل إبن القدس البار ومحبها وحببيها وفارسها العاشق الذي لم يدع ميدانا من ميادين الدفاع عنها إلا وخاض غماره بكل شجاعة وبسالة وشرف وإصرار .
فسلام عليك يا أبا العبد فقد رحلت عنا قبل أوان الرحيل وسافرت قبل ميعاد السفر .
فيصل الحسيني عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية برحيله فقد الشعب الفلسطيني إبناً باراً من ابناءه وقائداً عز نظيره .
رحم الله شهيدنا وقائدنا وأسكنه فسيح جناته .