علي حسن عبد الرحمن سلامة | أبو حسن

admin
2019-09-04T23:05:52+04:00
الذاكرة
4 سبتمبر 2019
علي حسن عبد الرحمن سلامة | أبو حسن

بقلم اللواء ركن عرابي كلوب

ولد علي حسن سلامة في العراق بتاريخ 1/4/1941م حيث غادر والدة المجاهد الشيخ/ حسن سلامة أحد القيادات الفلسطينية التي برزت في قيادة النضال الوطني ضد العصابات الصهيونية في فترات 1936، 1948م مما أضطره إلى المغادرة إلى العراق بسبب المطاردة المستمرة له من القوات البريطانية في ذلك الوقت، استقر والده هناك وقام بالتدريب والانخراط في الجيش العراقي حيث ولد ابنه (علي) خلال تلك الفترة، وفي عام 1945م انتقل الشيخ حسن سلامة مع عائلته إلى لبنان ومن ثم إلى فلسطين حيث استمر في مقارعة العصابات الصهيونية واستشهد في معركة (رأس العين) الشهيرة بتاريخ 1/6/1948م.

بعد قيام ثورة يوليو عام 1952م في مصر انتقلت الأسرة للإقامة فيها، أكمل علي حسن سلامة تعليمه الجامعي في القاهرة وفي عام 1964م انتقل للعمل في الكويت حيث التحق هناك بحركة فتح عن طريق القائد المرحوم/ خالد الحسن (أبو السعيد) وأدار دائرة التنظيم الشعبي في مكتب (م.ت.ف) بالكويت.

رزق علي حسن سلامة بأول مولود له بتاريخ 1/6/1966م وذلك في الذكرى الثامنة عشر لاستشهاد والده المجاهد الشيخ / حسن سلامة فكانت مناسبة مباركة حيث أطلق على الطفل اسم (حسن) تيمناً باسم والده.

عام 1968م اختير علي حسن سلامة ضمن مجموعة من عشرة أشخاص لدورة أمنية في القاهرة حيث وافق على هذه الدولة في ذلك الوقت الزعيم الراحل/ جمال عبد الناصر، وعند انتهائه من الدورة عمل نائباً لمفوض الرصد المركزي لحركة فتح والذي كان يترأس مسؤوليته القائد الشهيد/ صلاح خلف (أبو إياد).

(يقول أبو إياد رغم صغر سنه وقع اختياري عليه ليكون نائباً لي في هذا الجهاز حيث كنت كل مرة تزداد قناعتي في اختياري له فقد كان في مكانه الصحيح).

مارس علي حسن سلامة مهماته النضالية حتى أحداث أيلول الأسود عام 1970 وغادر الأردن عن طريق اللجنة العربية حيث خرج من القائد العام ياسر عرفات ومنذ ذلك الوقت أصبح أبو حسن سلامة ظلاً لأبي عمار، ومكلفاً بحمايته، وهو أول من تم تعيينه قائداً لقوات ال (17) ، فور انتقال أبو حسن سلامة إلى بيروت أسندت إليه قيادة العمليات الخاصة ضد العدو الصهيوني في جميع أنحاء العالم وارتبط اسمه بالعديد من العمليات النوعية، كما ارتبط اسمه بالاتصالات السرية التي كانت تجريها الثورة الفلسطينية في ذلك الوقت مع الكثير من الأطراف في الساحة اللبنانية والدولية، كانت لأبو حسن سلامة علاقات مميزة مع كل من بشير الجميل وكريم بقرادوني وقيادات حزب الكتائب اللبناني والقيادات اللبنانية المارونية بشكل خاص.

أصدر القائد العام الأخ / أبو عمار عام 1973م قراراً بتعيين أبو حسن سلامة مسؤولاً عن امن الرئاسة وعين الأخ / محمود الناطور ” أبو الطيب ” نائباً له ومن هنا بدأ التفكير الفعلي في تكوين ما يناظر الحرس الجمهوري على أن تكون هذه القوة ضمن السيطرة المباشرة للقائد العام ياسر عرفات كقوة احتياطية لديه كي يتمكن من استخدامها وتحريكها في أي معركة .

أسندت لهذه القوات مهام ترتيب إجراءات حماية القائد العام والقيادة الفلسطينية ، وكان الصراع في السبعينيات على أشده بين قوات الثورة الفلسطينية والعدو الصهيوني خاصة على الساحة الدولية ، وكان لقوات الـ 17 دور مميز في هذا الصراع الخفي ، هذه القوات كانت عبارة عن مجموعات من قوات العاصفة وكانت هذه المجموعات تقوم بعدد من المهمات الأمنية المختلفة حيث تم اختيار عناصرها من المقاتلين الذين تمرسوا في مختلف المعارك مع العدو وخاصة الذين رافقوا القائد العام في منطقة الأغوار وشاركوا في معركة الكرامة ، ومنذ ذلك الوقت أصبح أبو حسن سلامة الأقرب إلى ياسر عرفات.

رافق أبو حسن سلامة الرئيس ياسر عرفات خلال زيارته التاريخية للأمم المتحدة عام 1974م وخلال المباحثات الأمريكية الفلسطينية التي تم بموجبها التنسيق الأمني المشترك أوكل الرئيس ياسر عرفات إدارة هذه المهمة إلى أبو حسن سلامة حيث أنه كان الأقدر لتلك المهمات الصعبة, قام أبو حسن سلامة بعدة زيارات رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

أبو حسن سلامة رجل المهمات الصعبة والأزمات والمحن, كان شجاعاً بطلاً لم يكن يتهرب من واجبه ولا من أخطر المهمات التي كان يكلف بها, وفي أزماتنا الداخلية كان شهماً, وكان يؤمن بوحدة هذه الحركة ويسعي دائماً لتبقي قوية ومنيعة.

لقد كان أبو حسن سلامة جسور في مهماته, رقيق الإحساس والمشاعر لمن يحب, مخلص لصداقاته, سخي في عطائه, متواضع, عنيف في الانتصار للحق.

كان أبو حسن سلامة يعرف تمام المعرفة أن القوى المعادية تسعي في أحيان كثيرة إلى ضرب واغتيال مناضلي الثورة الفلسطينية حيث عملت المخابرات الإسرائيلية وعملائها إلى وسائل الغدر والإرهاب في محاولة للقضاء على قيادات الثورة الفلسطينية بكل الوسائل الممكنة لقد شهدت فترة قيادة أبو حسن سلامة لأمن الرئاسة صراعاً دموياً بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية وأجهزة الأمن الفلسطينية, حيث كان التصدي لتلك الأجهزة بالمثل والند بالند, حيث قامت أجهزة الأمن الفلسطينية بعدد كبير من العمليات الناجحة.

أبو حسن سلامة كان إنسان غير عادي بعطائه ووفائه خاصة لمن خدم معه.

لقد أكمل أبو حسن سلام مسيرة والدة المجاهد الشيخ حسن سلامة الذي استشهد بمعركة رأس العين عام 1948م.

صباح يوم الاثنين الموافق 22/1/1979م كان يوماً كارثياً حيث استشهد قائد قوات ال 17/ أبو حسن سلامة في عملية تفجير سيارة فولكس فاجن بإشارة لاسلكية من قبل إحدى عميلات الموساد الإسرائيلي وتدعي (أريكا ماري تشامبرز) وذلك أثناء انطلاق موكبه من منزلة في منطقة قريطم يشارع مدام كوري باتجاه شارع فردان, فاستشهد على الفور مع مرافقيه الأربعة وهم الشهيد/ على حسين عبد الرازق, الشهيد/ خليل أحمد حسين عودة, الشهيد/ جميل حسن الرمحي, الشهيد/ موسي زايد. تم نقل الشهداء جميعاً إلى مستشفي الجامعة الأمريكية ببيروت لكن أرواحهم الطاهرة صعدت إلى السماء, بعد أن رفرفت في أجواء بيروت وفلسطين لتعانق أرواح قوافل الشهداء الذين كانت أرواحهم تصطف في استقبال أرواحهم هؤلاء الشهداء الجدد هذا اليوم.

لقد اعتقد قادة إسرائيل أنهم باغتيال القائد/ على حسن سلامة قد أزاحوا من طريقهم خصماً سبق وأن أفشل مخططاتهم وأنزل القصاص بعملائهم وأنه كان القائد المؤهل لتشكيل قوة الحماية للرئيس الفلسطيني/ ياسر عرفات وأن قوة أمن الرئاسة التي أنشأها ستعلب دوراً مهماً في التصدي لأنشطة الموساد على الصعيد الخارجي وفي داخل لبنان.

أن عملية اغتيال القائد/ أبو حسن سلامة في انفجار سيارة مفخخة في بيروت تمت بعد مطاردة استمرت لعدة سنوات, وبعد فضائح منيت بها أجهزة الموساد الإسرائيلية أثر قيامها بأكثر من عملية اغتيال فاشلة لأكثر من شخص ظناً منها أنه أبو حسن سلامة.

لقد أطلقت عليه رئيسية وزراء إسرائيل أنذاك (غولدا مائير) لقب (الأمير الأحمر) فأصبح هذا اللقب يميزه لدى المراقبين السياسيين والإعلاميين للحركة الوطنية الفلسطينية أيضاً.

وعلى أثر عملية الاغتيال الذي نفذها عملاء الموساد فقد أصيب الرئيس ياسر عرفات بموجة من الحزن والألم الشديدين لفقدان (أبو حسن سلامة) فقد كان ذراعاً يمني له, وكان حامياً لأمنه, وموفداً خاصاً لمهماته الضرورية إلى الكثير من الدول والرؤساء .

دفن الشهيد أبو حسن سلامة في مقبرة الشهداء في العاصمة اللبنانية بيروت ، حيث شاركت القيادة الفلسطينية في مراسم الدفن وكان على رأسها الأخ / أبو عمار حيث حضر من اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في دمشق للمشاركة في التشييع.

رحمك الله يا أبا حسن سلامة وأسكنك فسيح جناته