بقلم اللواء ركن عرابي كلوب
حسين حسن الهيبي من مواليد قرية طوبي قضاء صفد عام 1925م شارك في معارك عام 1948م في منطقة شمال فلسطين تحت قيادة العقيد / أديب الشيشكلي وعبد الحميد السراج حيث كان وقتذاك قائداً لجيش الإنقاذ في معارك الجليل الأعلى، وبعد هزيمة الجيوش العربية عام 1948م وحدوث النكبة خرج حسين الهيبي وعائلته من قريته شأنه شأن السواد الأعظم من ابناء الشعب الفلسطيني إلى مخيمات اللجوء والشتات فلجأ وبعض من قبيلته إلى قرية المزيريب السورية في درعا بسوريا ليصبح لاجئاً في ذلك الوقت.
ولم تعجبه الحياة بعد الغربة والتشرد حيث تم افتتاح معسكر لإعداد وتدريب اللاجئين الفلسطينيين وذلك بالتنسيق مع الهيئة العربية العليا بقيادة الحاج / أمين الحسيني لإعداد جيل النكبة من لاجئي كل من سوريا ولبنان والأردن، فالتحق حسين الهيبي بذلك المعسكر الذي تأسس في بلدة حرستا الواقعة في ضواحي مدينة دمشق والتحق إلى التدريب في هذا المعسكر حسين الهيبي وعدد كبير من أبناء قبيلته وأبناء صفد والمجيدل ولوبيا واندور وعرب صبيح والناصرة وطبريا وسمخ وحيفا وجلهم من سكان شمال فلسطين قبل النكبة ومن المقيمين في مخيمات الشتات في كلٍ من سوريا ولبنان، حيث قاموا بالتدرب على الأسلحة والمواد الناسفة والاستطلاع وجمع المعلومات عن العدو الصهيوني.
بعد ذلك التحق ومن معه مع قوات ( فدائيون ) إلى المواقع الأمامية في الجيش السوري تحت قيادة الرئيس السابق أمين الحافظ في قطاع الجولان والحمة السورية وكانت مواقعهم في بلدة فيق والتوافيق والخربة السمرا بإشراف الحاج حسن ضيف الله قصاص وحسين الهيبي ومحمود شتيوي، وبتاريخ 11/1/1963م أصدر الرئيس السوري السابق / أمين الحافظ مرسوماً إلى قيادة الجيش السوري باستيعاب أبناء فلسطين الراغبين بقتال العدو الصهيوني للالتحاق في معسكر تدريب في ضواحي بلدة حرستا بإشراف العقيد/ أكرم الصفدي والنقيب/ أحمد حجو في ذلك الوقت وإبراهيم رحمون، وتــــــم تأسيــــــــس كتيبـــــــــــة ( فدائيون ) رقم (68) هذه الكتيبة ألحقت بالجيش السوري وهي كتيبة للاستطلاع والعمل الفدائي الخارجي في الأرض المحتلة، حيث شكل اللاجئون الفلسطينيون في كل من سوريا ولبنان قوامها الأساس، وكلفت كتيبة ( 68 ) بتنفيذ عمليات استطلاع وغيرها شمال فلسطين المحتلة حيث نفذت مجموعاتها القتالية عدة عمليات عسكرية في الداخل الفلسطيني.
التحق حسين الهيبي وأفراد قبيلته بالكتيبة وتلقى تدريباً عسكرياً خاص بقوات الصاعقة بقيادة الضابط / سمير الخطيب، ومع انطلاقة حركة فتح عام 1965م التحق حسين الهيبي وجماعته إلى حركة فتح تحت قيادة النقيب البعثي / يوسف عرابي والذي قتل في حادث 9/5/1966م حيث كادت هذه الأزمة أن تعصف بحركة فتح، وهي في مهدها ومراحلها الأولى وذلك لقيام البعض للاحتكام للسلاح حيث كان يشرف النقيب / يوسف عرابي في ذلك الوقت على معسكر غرب درعا لتأمين إرسال أسلحة إلى داخل الأرض المحتلة.
في صيف عام 1966م توجه الأخ أبو عمار إلى جنوب لبنان على رأس دورية فدائية من قوات العاصفة تضم “14 مقاتلاً كان من بينهم حسين الهيبي ونعيم وشاحي وآخرين” وخلال عودة الدورية بعد تنفيذ العملية ضد مواقع العدو الصهيوني شمال فلسطين المحتلة، قامت السلطات اللبنانية باعتقال تلك المجموعة ودام اعتقالهم مدة (45 يوم) أفرج عنهم فيما بعد.
شارك حسين الهيبي ومن معه في عدة عمليات عسكرية من خلال العمل على جبهة قطاع الجولان حيث تمركزت قوات له في قاعدة الحارة وقاعدة مثلث القنيه.
عام 1971م قام حسين الهيبي بالتعرض لموكب الأخ / أبو عمار وهو قادم على طريق درعا دمشق حيث حصل اشتباك بينه وبين المرافقين استشهد على إثرها مرافق الأخ / أبو عمار ( ربحي) وقد تدخل الجيش السوري وفض الاشتباك وتم اعتقال حسين الهيبي وجماعته وأودعوا السجن لمدة شهرين.
بعد أن تم الإفراج عنه ذهب واعتذر من الأخ / أبو عمار على فعلته التي قام بها حيث أبدى ندمه على ذلك، حينها أوعز الأخ / أبو عمار للأخ / أبو الطيب بضم حسين الهيبي وجماعته إلى قوات ال (17) وأوكلت إليه مهمة تشكيل سرية ما بين صور وصيدا، وكان شقيقه مصعب الهيبي ضمن ما انضم إلى قوات ال 17، كان حسين الهيبي أثناء عمله في قوات ال 17 في قمة الانضباط والالتزام والعطاء وبدأ يوسع سريته حتى أصبحت سريتين بكامل عتادها بعدها تسلم حسين الهيبي قوات ال 17 في الجنوب وعين شقيقه مصعب الهيبي نائباً له.
كان حسين الهيبي يقوم بمجهود كبير في مساندة القوات في الجنوب اللبناني، وكان له دور مميز في عام 1982م أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان حيث قام بإرسال سرية إلى جسر الأولي خاضت معارك ضارية مع قوات العدو الإسرائيلي، وبعدها استطاع أن ينسحب مع ما تبقى معه حتى وصل إلى البقاع.
عام 1983م وأثناء حدوث عملية الانشقاق في حركة فتح قام بالتصدي للمنشقين وخلال تلك المعارك استشهد اثنين من أبنائه.
غادر حسين الهيبي البقاع متوجهاً إلى طرابلس حيث تصدى مع قيادة فتح للمنشقين هناك وحتى نهاية شهر ديسمبر عام 1983م عندما قررت القيادة الخروج من طرابلس فذهب حسين الهيبي إلى اليمن ومن ثم حضر إلى تونس مقر القيادة الفلسطينية.
لقد شكلت مجزرة صبرا وشاتيلا بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت عام 1982م وكذلك معارك البقاع وطرابلس ضد المنشقين والقوات الحليفة لهم بمساعدة القوات السورية عام 1983م وذلك للسيطرة على القرار الوطني المستقل عاملاً ضاغطاً على قيادة ( م.ت.ف ) بشكل عام وعلى قيادة حركة فتح بشكل خاص، وذلك لإعادة ترتيب الأوضاع في لبنان وضرورة الإسراع في إعادة بناء القدرات العسكرية لــــ (م.ت.ف ) لحماية المخيمات الفلسطينية من ما هو آتٍ في المستقبل.
حيث تم ارسال نخبة من كوادر وضباط حركة فتح إلى لبنان حيث دخل قسم منهم عن طريق مطار بيروت الدولي وقسم آخر عن طريق البحر بالرغم من أن اسرائيل قامت باعتقال عدد لا بأس به من هؤلاء الضباط، حيث كلف كل ضابط منهم بمهمة في الساحة اللبنانية وعليه تم تكليف العقيد/ حسين الهيبي بالذهاب إلى جنوب لبنان ومن معه ليتولى مسؤولية قوات الـ 17 هناك وفعلاً وصل أبو حسن إلى صيدا وبدأ العمل بكل جد ونشاط وأخذ في إعادة ترتيب قوات الـ 17، وبدأ يستقطب بعض كوادر حركة فتح المتواجدين في الجنوب اللبناني مما زاد من فعالية وجود الحركة وتأثيرها، الأمر الذي أثار استياء العملاء والمنشقين والسوريين حيث بدأت في تلك المرحلة حرب المخابرات ضد قوات الشرعية الفلسطينية إلا أن يد الغدر والخيانة والخسة امتدت إليه فتم اغتياله بتاريخ 11/6/1987م في مدينة صيدا وسقط شهيداً مدرجاً بدمائه.
استشهد العقيد / حسين حسن الهيبي ” أبو حسن ” ولم يكمل الرسالة التي حملها في إعادة ترتيب أوضاع القوات والدفاع عن مخيماتنا الفلسطينية على الساحة اللبنانية.